تحقيقات وتقارير
«القراءة» تدبير قضائي لتقويم السائقين المتهورين
حدّدت دائرة القضاء في أبوظبي 17 تدبيراً أو عملاً يوجّه المحكوم عليهم بتنفيذ أي منها، في إطار تطبيق عقوبة «الخدمة المجتمعية»، من بينها حفظ أو تحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم، تنظيف وصيانة المساجد، محو الأمية، صيانة الحدائق العامة، تعبئة الوقود، كما تضمّنت التدابير العقابية لـ«الخدمة المجتمعية» قراءة الكتب، إذ إنها عقوبة تنفّذ ضد أشخاص يعانون عقدة القراءة مثلاً، وفق ما أكده مدير نيابة مرور أبوظبي، عبدالله المنصوري.
حقائق وأرقام
6 أشهر أقصى حكم «جنح» يمكن أن يطبق عقوبة الخدمة المجتمعية. 3 أشهر أقصى مدة لتنفيذ عقوبة الخدمة المجتمعية. 69 عدد القضايا المرورية التي نفّذ مرتكبوها عقوبة الخدمة المجتمعية في أبوظبي خلال 6 أشهر. 15 جهة اتحادية ومحلية نفذت أحكام الخدمة المجتمعية. 90 % نسبة خفض معدلات الجرائم المرورية بسبب استحداث عقوبة الخدمة المجتمعية. |
وقال المنصوري: «نقدم لبعض المحكوم عليهم في جرائم المرور من المتهورين، نوعيات من الكتب تتناسب والمخالفات التي ارتكبوها، لتساعد على علاجهم من التهور، وذلك في إطار تنفيذ عقوبة الخدمة المجتمعية، التي أكد أنها خفّضت معدلات الجرائم المرورية بنسبة 90%، عمّا كانت عليه قبل إقرارها».
وتفصيلاً، أفاد المنصوري، بأنه بعد صدور القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2016، القاضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، ولاسيما المادة 120، بإدراج عقوبة الخدمة المجتمعية في بعض أحكام الجنح، بديلة عن عقوبة الحبس، التي لا تزيد مدتها على ستة أشهر، أو الغرامة، أصدر رئيس دائرة القضاء في أبوظبي القرار رقم 14 لسنة 2017، بشأن تحديد الأعمال والجهات التي تؤدى فيها الخدمة المجتمعية، بمعنى كيف وأين تؤدى هذه العقوبة.
وأوضح أن التدابير أو الخدمات التي يوجّه المحكوم عليهم بتنفيذ إحداها في إطار تطبيق عقوبة الخدمة المجتمعية، تبلغ 17 تدبيراً يؤدي المحكوم عليه إحداها، وهي «حفظ أو تحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم، تنظيف وصيانة المساجد، محو الأمية، رعاية الأحداث وأصحاب الهمم، نقل المرضى، تنظيف الطرق والشوارع والميادين العامة وتجميل الشواطئ والمحميات الطبيعية، تنظيف وتنظيم المنشآت الرياضية العامة، تحميل وتفريغ الحاويات بالموانئ، صيانة الحدائق العامة، زرع وريّ ورعاية الأشجار، معاونة الأفراد العاملين في قطاع مدينة الأعمال، أعمال البريد الكتابية، الأعمال الكتابية بالمراكز الصحية، الأعمال الكتابية في مجال مراقبة الأغذية، تعبئة الوقود، أي أعمال أخرى تحقق النفع العام، بجانب قراءة الكتب».
وذكر أن القراءة تعد إحدى عقوبات الخدمة المجتمعية، وهي عقوبة تنفّذ ضد أشخاص يعانون عقدة القراءة مثلاً، وتقدم للمحكوم عليه نوعيات من الكتب تتناسب والمخالفة التي ارتكبها، لمساعدته على الالتزام وعدم التهور.
وأضاف أنه إذا ارتكب المحكوم عليه مخالفة مرورية تسببت في إتلاف مال عام أو إضرار بملكية عامة على سبيل المثال، فيحكم عليه بقراءة كتاب يُعرّفه بالمال العام، ويحثه على الحفاظ والغيرة عليه، باعتباره ملكاً له، على أن يتم مناقشته في ما قرأ، لسببين، الأول التأكد من فهم المحكوم عليه الخطأ الذي ارتكبه، والثاني التأكد من قيامه بالقراءة فعلاً.
وعن أهمية وجدوى عقوبة الخدمة المجتمعية، قال المنصوري إن استحداث هذه العقوبة المجتمعية أدت إلى خفض معدلات الجرائم المرورية بنسبة 90%، عمّا كانت عليه قبل إقرارها، متابعاً «حاولنا في البداية تقليل معدلات الجرائم المرورية تحديداً عن طريق تغليظ العقوبات المقررة ضد المخالفين، والتي وصلت للحبس، لكننا وجدنا أنهم بعد تأدية العقوبة بفترات ليست طويلة يعودوا أكثر تهوراً في ارتكاب المخالفات المجرمة، ومن ثم بدأنا البحث عن بدائل للإجراءات أو العقوبات التقليدية مثل الحبس والغرامة، فوجدنا أن الأفضل هو انتهاج أسلوب التقويم والردع معاً، وهو ما تحقّقه عقوبة الخدمة المجتمعية».
وأشار إلى أنه «قبل تطبيق هذه العقوبة كانت نيابة المرور في أبوظبي، على سبيل المثال، تنظر ثلاث إلى أربع جرائم تهور من شباب طائش ترتقي لدرجة الشروع في القتل، لكن بعد تنفيذ الخدمة المجتمعية أصبح أعضاء النيابة يتساءلون أين هؤلاء الشباب المتهورين؟».
وشدّد المنصوري على أن فلسفة عقوبة الخدمة المجتمعية تكمن في كونها لا تهدف أو تسعى إلى إفساد الشخص أو التأثير في مستقبله، قائلاً: «هناك مجال كبير لتأجيل تنفيذ هذه العقوبة، وفق الرؤية وتقدير القاضي، إذا ما كان تنفيذها سيؤثر في مستقبل المحكوم عليه، أو إذا ما تعارض التنفيذ مع ظرف طارئ يضر المحكوم عليه، وبالفعل هناك كثير من أحكام الخدمة المجتمعية تم تأجيل تنفيذها لأسباب إنسانية، وأخرى لأسباب تتعلق بتأدية الخدمة الوطنية».
ولفت إلى أن عقوبة الخدمة المجتمعية لم تشمل النساء، لأن طبيعة الجرائم والمخالفات القانونية التي تستوجب تطبيق هذه العقوبة، والتي تسمى بالجرائم الخطرة، لا تُرتكب من قبل النساء.