
مثلما تحدث ظواهر مناخية كالأمطار والثلوج والبرد على الكرة الأرضية، تحدث أخرى غريبة في الفضاء الخارجي تبدو استثنائية بالنسبة لنا، فما يميز هطولات الأرض أن جميعها مرتبط بالماء لأنها المكون الرئيسي، لكن هناك في الفضاء الكوني الواسع تتنوع الهطولات، فبعضها يتكون من البلازما والألماس وأخرى من الثلج الجاف والبعض الآخر من الغازات، نحاول أن نركز في هذه الأسطر على أهم تلك الظواهر المذهلة.
قبل عدة سنوات عرضت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» تسجيلاً التقط بواسطة كاميرات تلسكوبها المخصص لمراقبة الشمس، للحظة هطول ما يسمى «أمطار البلازما» على سطحها، وذكر علماء الوكالة أن هذا الهطول الذي يحدث نتيجة التوهج الشمسي يمكن أن يتسبب بإطلاق وسقوط المادة على شكل حلقات كبيرة في ظاهرة تسمى «مطر الإكليل الشمسي».
وبحسب الوكالة فإن التوهج أو الانفجار الشمسي، هو انفجار هائل يحدث في الغلاف الجوي للشمس ويمكن أن يصدر طاقة هائلة.
وذكرت الوكالة أن هذه الأمطار ليست مكونة من الماء، وإنما من «البلازما» وهي جسيمات غازية منفصلة مشحونة كهربائياً، سلباً وإيجاباً.
ويقول العلماء أن قطرات أمطار البلازما كبيرة جداً وهي بحجم جمهورية أيرلندا وتهبط بسرعة 200 ألف كم كل ساعة، وأن هذا البلازما المطرية ربما تفيد في عملية تنظيم تقلبات درجات الحرارة لغلاف الشمس.
يذكر أن أمطار سطح الشمس اكتشفت منذ أكثر من 4 عقود، إلا أن العلماء تمكنوا مؤخراً من مشاهدة هذه الظاهرة الفريدة بسبب التلسكوبات المتطورة التي تسمح بالتقاط أدق التفاصيل.
سماء تمطر ألماساً
أن نشاهد السماء تهطل ثلجاً أو تمطر مطراً أو برداً فهذا يبدو أمراً طبيعياً بالنسبة لنا كبشر، لكن أن نشاهد سماء تمطر ألماساً فهذا ما لم نتخيله أبداً، لذلك يطلق العلماء على كوكبي نبتون وأورانوس بأنهما أغنى كوكبين في النظام الشمسي.
لاحظ العلماء حدوث أمطار فريدة من نوعها على سطح هذين الكوكبي الجليديين، وبحسب العلماء فإن الأمطار المكونة من الألماس تطل في مسافة ما يقرب من 10 آلاف كم تحت سطحي نبتون وأورانوس، حيث تتشابه ظروف الكوكبين الداخلية.
وبحسب باحثون من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا الأمريكية، أجروا محاكاة لظروف الكوكبين الجليدين العملاقين فإن كميات ضخمة من الألماس ربما ملايين القيراطات، تغرق فعلياً في محيط كوكب أورانوس.
ويؤكد العلماء أن هذا المطر يتشكل في ظروف ضغط عال، عندما يعمل تفاعل عنصري الهيدورجين والكربون، على توليد ذرات الألماس.
الميثان على سطح تيتان
يعد تيتان أكبر أقمار كوكب زحل، والقمر الوحيد المعروف الذي له غلاف جوي كثيف، والجُرم الفلكي الوحيد غير الأرض الذي تم العثور على أدلة واضحة على وجود كُتل من السائل السطحي عليه.
وبحسب العلماء يعد غلاف تيتان الجوي الوحيد الغني بالنيتروجين في النظام الشمسي إلى جانب الأرض، ويشير رصد أُجري في 2004 بواسطة مركبة الفضاء الأمريكية «كاسيني» إلى أن تيتان هو «دوّار عظيم» مثل الزهرة، وغلافه الجوي يدور بسرعة أكبر بكثير من سطحه.
وأظهر رصد سابق أجراه مسابر فوياجر الفضائي أن غلاف تيتان هو أكثر كثافة من نظيره الأرضي، وأن تكوينه في طبقة الستراتوسفير في معظمه يتكون من النيتروجين مع غازات أخرى مثل الميثان والهيدروجين وكميات ضئيلة من الهيدروكربونات الأخرى مثل: «الإيثان وثنائي الأسيتيلين والهيليوم.
وتشير نتائج رصد مسبار«هويجنز»، إلى أن تيتان يمطر ميثاناً سائلاً ومواد عضوية أخرى على سطحه ويشهد عواصف مطرية من الميثان المتجمّد، وشأنه شأن الأرض التي تتميّز بدورة للمياه، يشهد هذا القمر دورة للميثان: فهناك أمطار موسمية تؤدي إلى ملء البحيرات التي تتبخر في نهاية المطاف، ويؤدي البخار المتصاعد إلى تشكّل السحب، ليبدأ كل شيء من جديد مرة أخرى.
وبحسب العلماء تحدث ظاهرة العواصف المطرية الميثانية كل سنة تيتانية، والسنة التيتانية تعادل 30 سنة على سطح الأرض.
الزهرة تمطر
يعد كوكب الزهرة ثاني كواكب المجموعة الشمسية من حيث قربه إلى الشمس إذ يبعد عن الشمس نحو 108 مليون كم فقط، وهو كوكب ترابي كعطارد والمريخ، شبيه بكوكب الأرض من حيث الحجم والتركيب.
يوجد على سطح الزُّهَرَة جبال معدنية مغطاة بصقيع معدني من الرصاص تذوب وتتبخر في الارتفاعات الحرارية. وبحسب بيانات مركبة«ماجلان»، فإن على الكوكب براكين نشطة، ونسبة مرتفعة من حمض الكبريت في الجو، مما يفيد بأن تلك البراكين ما تزل تتفجر بين الحين والآخر، إلا أنه من غير المعلوم إن كان هناك أي تدفق للحمم البركانية يُرافق تلك الثورات.
يمتلك الزهرة غلافاً جوياً سميكاً جداً وكثيفاً، ما يجعل مشاهدة سطحه أمراً صعباً للغاية، وكان العالم الروسي ميخائيل لومونوسوف، هو من اكتشف الغلاف الجوي لهذا الكوكب وذلك في القرن الثامن عشر، ويتكون أساساً من ثنائي أكسيد الكربون وحمض الكبريت والنيتروجين، وتبلغ متوسط حرارته 449 درجة مئوية.
وقامت مركبة «مصور الزهرة» (التي أطلقتها وكالة الفضاء الأوروبية إيسا) بالكشف عن الكثير من الضوء في أعالي الغلاف الجوي للكوكب.
وبحسب العلماء فإن هناك مطرا من حمض الكبريت في أعالي غلافه الجوي لكوكب الزهرة تتبخّر على ارتفاعه حول 25كم فوق السطح.
ثلوج على المريخ
يشهد سطح كوكب المريخ بعضاً من العواصف الثلجية الخطيرة التي تحدث في منتصف الليل، فالكوكب الجار لنا لديه غيوم منخفضة جداً تتكون من الماء والجليد، وتبعد عن سطحه من 1 إلى 2كم.
كان يعتقد سابقاً أن هطول الأمطار من هذه الغيوم يحتاج إلى ساعات أو أيام للوصول إلى سطح الكوكب، إلا أن بيانات مسبار Mars Global Surveyor ومركبة «مارس ريكونيسانس أوربيتر» التابعين لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، أثبتا أن كوكب المريخ يشهد تساقطاً للثلوج الجافة على سطحه، وأن الأمطار أو الثلوج تصل إلى الكوكب من الغيوم في غضون دقائق.
وكانت مركبة «مارس إكسبريس» الفضائية التابعة لناسا أيضاً صورت الثلج على سطح الكوكب الأحمر بشكل واضح.
ووجد علماء في الصور بقع بيضاء وهى «الثلج» ومزيج من الماء المتجمد وثاني أكسيد الكربون.
وبحسب باحثين من فرنسا وأمريكا فإن عواصف ثلجية عنيفة تهب من وقت لآخر ليلاً على كوكب المريخ.
وتقول الباحثة أيمِريكا سبيجا من جامعة بيير و ماري كوري في باريس، إن برودة ليالي المريخ تسمح بنشأة الظروف المواتية لجعل المياه القليلة نفسها الموجودة في الغلاف الجوي الرقيق للمريخ تتساقط محلياً.
«كيبلر إيه بي 13» كوكب عملاق
كشف علماء من جامعة بنسلفانيا الأمريكية في العام الماضي، بعد استخدامهم بيانات من تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، أن كوكب «كيبلر إيه بي 13» العملاق والواقع خارج مجموعتنا الشمسية، والذي يبعد عن الأرض مسافة 1730 سنة ضوئية، يثلج مادة تدعى «ثاني أوكسيد التيتانيوم» تشتهر باستخدامها في الدهانات وواقيات الشمس إلى جانب تلوين الطعام.
وبحسب العلماء فإن كوكب «كيبلر إيه بي 13» يعد واحداً من أشد الكواكب الخارجية المعروفة حرارة، وتبلغ درجة حرارته في جانبه النهاري 2760 مئوية، ويقع على مسافة قريبة جداً من نجمه وبالتالي فإن جاذبية النجم تمنعه من الدوران حول نفسه، لذلك فإن أحد وجهيه يقابل النجم دائماً والوجه الآخر هو في ليل دائم.
واكتشف العلماء في الجامعة الأمريكية أن هذا النوع من الثلوج تتساقط فقط في الجانب المُظلم من الكوكب.
ورد العلماء هذا الاكتشاف المُفاجئ إلى عدم وجود أوكسيد التيتانيوم في الجانب المضيء من الكوكب، وهذا يعني أن عملية امتصاص الضوء وعكسه على شكل حرارة لا تتم بالشكل الذي يحصل على بقية الكواكب الشبيهة، مما يتسبب في انخفاض الحرارة على المرتفعات.
ورجح العلماء أن رياحاً شديدة على سطح الكوكب تحمل غاز أوكسيد التيتانيوم ويحصل له التكاثف على شكل غيوم في الجانب المُظلم، وبفعل الجاذبية القوية للكوكب والتي تبلغ ستة أضعاف جاذبية المُشتري، تتساقط ثلوج أوكسيد التيتانيوم.
الخليج