الصحة والطبسلايد 1
فقدان الشهية عند الأطفال يؤخر النمو
يشكو الآباء دائماً من فقدان الشهية لدى الأطفال، وهي مشكلة تنتشر في الفترة العمرية بين العام الثاني وحتى 6 سنوات، وتسبب هذه المشكلة قلقاً ومعاناة للأهل، نتيجة الخوف المستمر على صحة الطفل ونموه، وتختلف درجة الشهية بين طفل وآخر، والحافز وراءها الجوع. وتتأثر شهية الطفل بمذاق الطعام ورائحته ومنظره والمحيط الاجتماعي في البيت والخارج، وعلى سبيل المثال فإنه لا وجه للمقارنة بين منظر قطعة الكبد المقلية وقطعة الكيك بالشوكولاتة، فالطفل لا ينجذب للأولى في حين أن الثانية هي ما يشتهيه.
تزداد الشهية عادة مع التمارين الرياضية والحركة ومختلف أوجه النشاط والعمل الشاق والهواء النقي، وتنقص مع الإجهاد والإنهاك الجسدي وانشغال الطفل بالألعاب المختلفة، ويمكن أن يستمر فقدان الشهية فترة قصيرة بسبب التغيرات المختلفة في مزاج الطفل العام.
ويشير استمرار المشكلة لمدة طويلة إلى سبب أكبر يجب على الأهل اكتشافه، حتى يعود الطفل لوضعه الطبيعي والصحي، وبصفة عامة يجب أن تكون عادات الأهل الغذائية إيجابية حتى يتعلم الطفل منها.
وفي هذا الموضوع سوف نتناول مشكلة فقدان الشهية لدى الأطفال، وتفسير ذلك بشكل علمي، والعوامل التي تؤدي إلى هذه الحالة، مع تقديم حلول ونصائح للتخلص من هذه الحالة، لعدم الوقوع في مضاعفات أكثر تأثيراً في صحة الصغير.
متعة كبيرة
يمثل الطعام بالنسبة للطفل متعة كبيرة، فهو ليس مجرد وسيلة يسد بها الجوع، بل هو مصدر للسعادة حيث يتلذذ ويتذوق الطعام ويجلس مع العائلة، وبالتالي يمثل له مناسبة اجتماعية محببة.
وعلى الأم أن تدرك أن إطعام طفلها في سنوات عمره الأولى أمر صعب ومعقد، ويحتاج إلى صبر وتفهم، فالطعام كما أنه سبب للسعادة ووسيلة للإشباع فهو سلاح يشهره الطفل في وجه الأم.
ويستخدم الصغير الامتناع عن الطعام كوسيلة للاحتجاج والرفض، ويصاحب هذا الشعور الطفل أثناء تطوره وإحساسه بذاته، وعلى الأم إدراك هذا الأمر حتى تستريح، وإلا لن يكون الأمر في صالح البناء السليم لشخصية الطفل، وينقسم فقدان الشهية إلى 3 أنواع، الأول فقدان الشهية الحاد، وهو مؤقت ويحدث مع الالتهابات الفيروسية والبكتيرية المختلفة، والتهابات وتقرحات الفم واللسان، وأثناء فترة التسنين.
وفي العادة تعود شهية الطفل بزوال السبب، والثاني فقدان الشهية الفسيولوجي المزمن ويحدث في الفترة العمرية بين سن 12 شهراً وحتى 6 أعوام، وفيها يلاحظ الوالدان أن كمية الطعام التي يأكلها الطفل قلت عما هو معتاد، ويعود الأمر إلى أن حاجة الطفل للسعرات الحرارية تقل عن السنة الأولى، ويكون الأطفال في هذه المجموعة ذوو نمو عقلي وجسماني في الطول والوزن مناسب للعمر، بناء على منحنيات وجداول الطول والوزن بالنسبة للعمر، والثالث فقدان الشهية العضوي المزمن.
ويكون هذا النوع مصاحباً لأمراض مزمنة، مثل الالتهابات الروماتيزمية وأمراض الكلى والكبد المزمنة وأمراض الجهاز التنفسي والعيوب الخلقية بالدماغ والقلب
وفي هذه الحالة توجد أعراض أخري غير فقدان الشهية لهذه الأمراض، مثل الارتفاع المزمن للحرارة ونقص الوزن وقلة الحركة، وتأخر النمو العقلي وتضخم الغدد الليمفاوية والأعضاء الداخلية بالجسم.
تراجع المستوى
يعتبر أبرز أعراض الإصابة بفقدان الشهية عند الأطفال، هو ضعف وتراجع مستوى التحصيل الدراسي لديهم، وأكثر الفئات المعرضة للإصابة به الأطفال حتى سن المراهقة.
كما تؤدي هذه الحالة إلى نقص الحديد، وهو ما يجعل الطفل يشعر بالضعف المستمر، وشحوب الوجه والدوخة ويفقد القدرة على التركيز.
كما أن نقص الحديد يؤدي بالطفل إلى الإصابة بفقر الدم ونقص إنتاج الهيموجلوبين، المسؤول عن نقل الأكسجين من الرئة إلى مختلف أعضاء الجسم، وفي حالة عدم تدخل الأهل فإن الأمر يتحول إلى مشكلة مزمنة تؤثر في الطفل جسدياً ونفسياً.
كما أن استمرار نقص فيتامين «د» يؤدي إلى ضعف في العضلات ووهن وعدم زيادة وزن الطفل المصاب بفقدان الشهية، وبالتالي فإن هذه المشكلة تعوق الطفل عن التقدم في حياته بصفة عامة، ولذلك يجب على الوالدين الانتباه إلى أنها ليست مشكلة بسيطة، والاهتمام بعلاجها بشتى الطرق والأساليب المتنوعة.
الالتهابات
تؤدي عدة أسباب لإصابة الطفل بفقدان الشهية، وليس هناك سبب خلقي لهذا المرض، ومن هذه الأسباب بعض الأمراض مثل الالتهابات الفيروسية والبكتيرية، وكذلك حدوث خلل في منطقة الفم مثل التقرحات والتهابات الفم وتسوس الأسنان، ما يؤثر في مذاق الطعام ورائحته.
ومن المسببات مرور الطفل بفترة التسنين حيث تصاحبها آلام، تجعل من تناول الطفل للطعام أمراً مزعجاً، ويعد هذا الأمر مؤقتاً حتى يزول، ويكون النمو أبطأ بعد العام الأول من عمر الطفل، وبالتالي تقل الكمية المطلوبة من الطعام لنموه، وهو سبب لا يدعو للقلق بل طبيعي، وتترك بعض الأمور أثراً سيئاً في نفسية الطفل، مثل تقديم الطعام بأسلوب سيئ يؤدي إلى عدم رغبته في تناول الوجبات
وكذلك إجباره على تناول أنواع معينة من الطعام، وأيضاً وضع قواعد مشددة لاتباع آداب الطعام، وإصرار الأم على أن يأكل الطفل كمية من الطعام أكثر من طاقته، ويمكن أن يكون رفض الطعام من قبل الطفل وسيلة للفت الانتباه، حتى يهتم الأهل به ويقدموا له العطف والرعاية، أو كنوع من العقاب لنفسه أو لأهله لمنعه من أشياء يريدها.
ويمكن أن يعود فقدان شهية الطفل إلى عوامل أخرى مثل فقدانه الإحساس بالأمن وتجعله يشعر بالخوف والوحدة، ويفقد الطفل شهيته عند إصابته بفقر الدم، ويمكن أن يكون وراء فقدان الشهية تناول الطفل للمأكولات الخفيفة مثل الشكولاتة والبسكويت بين الوجبات، وبالتالي تضعف شهيته عند وجبات الطعام الأساسية.
الوسيلة الصحيحة
يجب أن يكون التعامل مع مسألة شهية الطفل بشكل هادئ، وتحاول الأم أن تنزل إلى مستواه العقلي، لأن هذه هي الوسيلة الصحيحة لتحسين شهيته للطعام، وعلى سبيل المثال فإن تقديم الطعام بصورة جذابة من حيث الأشكال والألوان والأطباق المستخدمة يحدث أثراً جيداً في زيادة ما يتناوله الصغير من طعام، ويمكن أن يتم تقديم السبانخ على هيئة فطائر، وحشو البيتزا بالخضراوات التي لا يأكلها.
كما من المستحسن أن يتناول طعامه مع الآخرين، ويمكن للوالدين ترغيب الطفل في الطعام بالحديث عن مدى لذة الطعام، وعن المعادن المقوية للعضلات والطاقة والفيتامينات التي يحتويها وعن لونه الجميل ورائحته الشهية.
ويراعى في الطعام أن يتم تقديم الأصناف التي يحبها الطفل، وأن يختار الطعام الذي يحبه طالما أنه مفيد، ويجب على الجانب المقابل أن تبتعد الأم عن أسلوب الإجبار على الأكل أو الترهيب، ويستحسن ألا يعطى الطفل شيئاً يأكله بين الوجبات الرئيسية، وعلى الأخص الحلويات والأطعمة غير الصحية، ويمكن تقديم وجبة صحية واحدة بين الوجبات.
اللجوء للطبيب
يفضل مراجعة الطبيب في حالة اضطراب شهية الطفل، وهو سيجري تقويماً لطعام الطفل وشهيته، حيث يقيس طول الطفل ووزنه، مع الأخذ في الحسبان طول الأبوين وسن الطفل، فإذا كان وضعه العام مناسباً فإن هذا يعني أن شهيته سليمة والمقدار الذي يتناوله كاف.
وبالتالي فإن شكوى الأم ليس لها معني، لأن شهية الطفل ترتبط بحجمه الذي هو عامل وراثي يرتبط هو الآخر بحجم الأبوين.
كما أن استمرار رفض الطفل للطعام مع شحوبه وهزاله، يدعو للبحث عن المشكلة التي سببت ذلك، وفي هذه الحالة ينصح بتحليل الدم لتحري وجود مشاكل مثل فقر الدم، ويجب في حالة وجود فقر الدم المتعلق بنقص الحديد اللجوء إلى استخدام علاج الحديد المركز لعدة أشهر، وذلك بحسب نسبة التحليل وفقر الدم.
والمعروف أن هذا النوع من فقر الدم أهم سبب لنقص الشهية عند الأطفال، وفي حالة وجود آلام بطنية ترافق الطعام، فيجب إجراء تحليل للفضلات خشية وجود أميبا معوية، وتحليل للبول خشية وجود التهاب بول يسبب نقص الشهية وبالتالي نقص النمو.
وصفات طبيعية
يشير الخبراء إلى أن هناك وصفات تساعد في علاج فقدان شهية الطفل، ومن هذه الوصفات تناول اليانسون، فهو يعتبر فاتحاً جيداً للشهية، ويساعد في تسهيل عملية الهضم، لأنه يحتوي على زيوت طيارة، ويتم إعطاء الطفل مشروب اليانسون مرة بعد الإفطار وأخرى بعد العشاء،
ويساعد البصل في فتح الشهية، ويعمل على تسهيل الهضم، ويمكن أن يقدم للطفل من خلال طبق السلطة، ويقوي الزعتر جهاز المناعة، ويعتبر فاتحاً لشهية الأطفال، وهو يضاف إلى مختلف أنواع الأطعمة كنوع من التوابل.
ويحذر الأطباء من أدوية فواتح الشهية، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن لها تأثيراً سلبياً في الجهاز العصبي للطفل، لأن فقدان الشهية له عوامل نفسية لا يتم علاجها بالأدوية التي تعمل على مراكز المخ، وحذرت منظمة الصحة العالمية من استخدام هذه النوعيات من الأدوية،
وكذلك ليس هناك دور للفيتامينات كفاتح للشهية، ولكن يمكن أن تعطى للطفل في حالة الإصابة بأنيميا الحديد أو لين العظام، وعامة فإن النصحية المهمة في هذه الحالة هي متابعة وزن وطول الطفل بصورة دورية عند الطبيب المختص.
الخليج