سلايد 1
الملتقى الإماراتي الفرنسي يحتفل بزايد شاعر الإنسانية في اليونيسكو

بِ «عام زايد».
أقيم الملتقى بدعوة مُشتركة من الوفد الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى منظمة اليونيسكو، ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وبالتعاون مع شركة أبوظبي للإعلام. وحضر الملتقى كذلك عدد من السفراء والمندوبين الدائمين العرب والأجانب المُعتمدين لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
وانطلقت فعاليات الملتقى بفيلم مُترجم للغة الفرنسية حول الدور الكبير للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على الصعيدين المحلي والدولي، وبشكل خاص تأسيسه لدولة الإمارات التي أصبحت تتبوأ مكانة عالمية مرموقة اليوم في مختلف المجالات، وتُسهم بشكل فاعل في حوار الثقافات والحضارات ونشر المحبة والسلام.
وتضمّن برنامج الملتقى ثلاث جلسات، الأولى بعنوان: «زايد جسر التواصل مع الثقافات والحضارات.. مشروع كلمة نموذجا»، شارك فيها د.علي بن تميم مدير عام شركة أبوظبي للإعلام، والأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ود.كاظم جهاد، ود.سعد البازعي. أما الجلسة الثانية، فكانت أمسية شعرية بعنوان «زايد وتطور الشعر النبطي والفصيح في دولة الإمارات.. تجربتا شاعر المليون وأمير الشعراء نموذجا»، أحياها كل من الشاعرات والشعراء من الإمارات والسعودية زينب البلوشي، وأسماء الحمادي، وسعيد بخيت الكتبي، وإياد الحكمي. أما الجلسة الثالثة فجاءت بعنوان «التجربة الإنسانية والغنائية في أشعار الشيخ زايد»، تحدّث فيها كل من سلطان العميمي ود.غسان الحسن ود.كاظم جهاد. واختتم الملتقى بمعزوفات على العود لقصائد مُغنّاة للشيخ زايد، أدّاها الفنان والمُلحّن الإماراتي فيصل الساري، استقطبت إعجاب الجمهور العربي والفرنسي على حدّ سواء.
وفي كلمته الافتتاحية للملتقى، أكد السفير عبدالله علي مصبح النعيمي، مندوب الإمارات الدائم لدى اليونيسكو، أنّ التكريم هو تكريس للفرادة والريادة، ونحتفل به هذا اليوم كفعل ولاء وانتماء إلى فكر وشعر قائد عظيم، إنه أيقونة بناء ورخاء، وعبقرية فكر وشعر. ومن الطبيعي جداً أن نكرم الشيخ زايد في هذه المنظمة الدولية التي هي بيت الثقافات والحضارات. فهي أنشئت في الأساس لبناء السلام في عقول البشر، وهل هناك أكثر من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة استجابة لمعادلة السلام والوئام الإنساني، سواء في قيادته السياسية أو في مقاربته الشعرية الإبداعية، وحتى في رؤيته الفكرية المشدودة إلى قيم الحق والخير والجمال والوفاء، هذه القيمة الفريدة والنبيلة والنادرة بين البشر، هي ما يحفزنا على تنظيم هذا الملتقى الإماراتي الفرنسي تحت عنوان «زايد شاعر السلام والإنسانية»، وهذه الكلمات الأربع تختصر شخصية هذا القائد الاستثنائي، وترسم خريطة عالمه الفكري والشعري والسياسي والانطولوجي. إنه أولا المؤسس والحكيم، والرؤيوي الذي يستشرف الآتي من التطورات. وقد أغدق الله عليه هذا الفيض من نور العقل، وقوة الإرادة والعزيمة ليروض المصاعب، ويُحوّلها إلى فرص آفاق مفتوحة. وقد أرسى ركائز دولتنا التي غدت قدوة ومثالا بين أّمم الأرض، والسقف الذي تستظله مئتا جنسية من أقوام العالم، تكسب رزقها، وتعيش خصوصياتها بتناغم وتآلف الاختلاف وتكامله.
وتابع النعيمي حديثه حول الشيخ زايد بقوله: هو أيضا الشاعر الذي صاغ فلسفة وجودية، محورها الإنسان والسلام، بكل ما تُجسّدانه من توق وشغف ولوعة انتظار، والدعوة إلى الإخاء الإنساني والارتقاء في السلم الحضاري. وهذا الجانب الشعري بكل دلالاته، قد يجهله كثيرون خارج دولة الإمارات. وقد عانق الشيخ زايد، من خلال الشعر، كل ما يختلج في النفس البشرية، من أحلام وهواجس، مؤكداً رمزية الأرض، وجذرية التراث، وعظمة المستقبل، في نسق غنائي يتسم بالجمال والسلاسة، سواء كان هذا الشعر نبطياً أم فصيحاً. فبصمات زايد قائمة ومتوهجة. وهي تُمارس فعل هواية على القارئ، وتعبر به من النطاق المحلي إلى العالمية بعيدة المدى، لتثري إنسانيته بضفائر القيم والأخلاق. وشاعرنا مرهف الإحساس، مُتقد الجذور الإبداعية، يبزغ الجمال من بين أصابعه، رضياً وأليفاً، في امتداد الهالة، وروعة النضيد اللغوي، والجمالي والغنائي والوجودي.
من جهته أكد عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، أنّ إمارة أبوظبي شهدت خلال السنوات الماضية تحوّلا بارزا في إطار عملية التنمية الثقافية، انطلاقا من رؤى القيادة الرشيدة في الارتقاء بمكانتها على الصعيد العالمي، وترجمة ًلتطلعاتنا في ترسيخ أبوظبي مدينة مُستدامة تصون تراثها الثقافي، وتُسهم في إرساء مستقبل واعد للأجيال القادمة. وهذا ما يُمثل متابعة لتنفيذ رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيّب الله ثراه – مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في الحفاظ على هوية وثقافة شعب الإمارات، وذلك عبر إدراك المخاطر التي تواجه الثقافة في سائر أنحاء العالم، وأهمية صون تراث الأجداد ونقله للأجيال القادمة، بالتوازي مع متابعة المسيرة الحضارية والتفاعل مع مختلف الثقافات.
د.علي بن تميم قدّم ورقة عمل مهمة بعنوان «زايد جسر التواصل مع الثقافات والحضارات»، تحدّث فيها عن مشروعين ثقافيين كبيرين في أبوظبي، هما مشروع كلمة للترجمة وجائزة الشيخ زايد للكتاب بوصفهما جسرين معرفيين يُجسّدان قيم الاستنارة الثقافية في أبوظبي، ونموذجان لما تقوم به أبوظبي ولما يمثله زايد من قيم الانفتاح والتواصل والدعوة إلى التسامح وحوار الحضارات.
وأكد في كلمته أنّ الشيخ زايد كان يؤمن أنّ الاختلاف سنّة من سنن الكون والحياة، ولم يكن يسعى عبر الحوار إلى فرض رأي على آخر، بل ظلّ يهدف إلى تعظيم القواسم المشتركة بين الناس والتقليل من الخلاف الذي يقود إلى الصراع والعنف، فهو ابن الحضارة العربية القائمة على التنوع في إطار الوحدة.
ولفت ابن تميم إلى أن الشيخ زايد رأى أنّ بناء النهضة في دولة الإمارات، هو أمر مركّب لا يجوز له أن يكون أحاديّاً، وأن يقتصر على جانب بعينه من جوانب الحياة المجتمعيّة، بل إن عليه أن يتّسم بالشمول والحركيّة والمرونة ووضوح الأهداف. وقد ظلّت مسألة تعليم الأجيال لتكون مؤهّلة لاكتساب المعرفة التي تساعدها على تطوير حاضرها والتخطيط لمستقبلها، تحتلّ جزءاً مهمّا من رؤى الشيخ زايد. وتصدر دولة الإمارات عن منظور يؤمن بالحوار مع الآخر، فالإمارات كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ، أرست قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر منذ قيامه، وتحولت إلى مركز جذب للناس من مختلف أنحاء العالم. وكما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإنّ الإمارات ترسم طريقاً مفعماً بالأمل، وترسّخ بنهجها التنموي مبادئ التسامح والتعايش والخير للمنطقة والعالم.
الناقد والباحث د.غسان الحسن، قدم تحليلا مميزا للأغراض الشعرية للشيخ زايد، رحمه الله، والذي كانت قصائده عاملا مهما في توحيد أبناء الإمارات وتأسيس دولة الاتحاد، فضلا عن مضامين شعرية جميلة، وباختصار يرى د.غسان الحسن أنّ الشيخ زايد كان يبني جيلا بهذه القصائد النبطية المُبدعة. وأكد الحسن، بأن الشيخ زايد، شاعر من الطراز الأول، وأن أهم شيء في هذا الشاعر أنه كان يعي ماذا يقول وماذا يفعل. وتابع: لذلك وجدنا أن الشيخ زايد في قصائده يذهب إلى منحى خاص جدا عن الشعراء الآخرين، كان يقول ويدرك الوظيفة التي يجعل الشعر فيها عاملا من عوامل بناء الدولة.
الحفاظ على الهوية
الكاتب والباحث الإماراتي سلطان العميمي، شارك في جلسة بعنوان «التجربة الإنسانية والغنائية في أشعار الشيخ زايد». وأوضح أنّ اهتمام الشيخ زايد بن سلطان بالشعر بشكل كبير، إنما جاء لقيمته الإنسانية والأدبية المؤثرة والمهمة. وكذلك من جهة اعتباره عنصرا مهما من عناصر الهوية الإماراتية، وقد بادر الشيخ زايد في سبيل هذا الاهتمام إلى تأسيس مجالس شعرية تلفزيونية في أبوظبي، وطباعة وإصدار عدد من الدواوين الشعرية في وقت مبكر، وتأسيس لجنة التراث والتاريخ التي اهتمت بالشعر النبطي بصفته جزءا من التراث الإماراتي. وتشجيعه الفنانين الإماراتيين على غناء القصائد النبطية لكبار شعراء الإمارات، واستقباله الدائم للشعراء في مجلسه وعند زيارته لمختلف المناطق،وتشجيعه المستمر ودعمه لوسائل الإعلام بمختلف أشكالها للاهتمام بالشعر النبطي، فظهرت برامج إذاعية وصفحات ومجلات محلية تهتم بالشعر النبطي، وظهرت مؤسسات ومراكز ثقافية وتراثية وبحثية تهتم بالشعر النبطي ودراسته.
وتابع العميمي: كما قرض الشيخ زايد الشعر النبطي، وقد صدرت عدة دواوين شعرية تضم قصائده، وقد نظم على مختلف الأوزان، لكنه أبدى اهتماماً واضحاً بأوزان الشعر النبطي وفنونه التي اشتهرت بها إمارات الدولة منذ القدم، خاصة الونة والردحة والتغرودة. أما الأغراض الشعرية التي كتب عليها الشيخ زايد، فهي عديدة، وتتنوع بين الغزل وقصائد الحكمة والقصائد الوطنية والاجتماعية، إضافة إلى قرضه ما يعرف باسم المساجلات الشعرية، وهو أسلوب من أساليب الشعر يبدي فيها الشاعر إعجابه بقصيدة شاعر آخر فيجاريها، أو يشكو فيها معاناته لشاعر آخر أو يستقبل قصيدة شكوى من شاعر آخر فيرد عليها. إلا أن ثمة ملامح مهمة للتجربة الشعرية عند الشيخ زايد، تتجلى في تلك القيم الإنسانية التي احتوى عليها عدد غير قليل من قصائده، وترتبط هذه القيم بثيمات مهمة مثل التسامح والدعوة إلى السلام وتقبل الآخر وتبادل الاحترام بين الفرد والآخر، واحترام المرأة والعلاقات الإنسانية، وضرورة التحلي بالصبر والاجتهاد والعمل لأجل تحقيق النجاح. وكذلك حب الوطن والدفاع عنه.
الخليج