سلايد 1
قصيدة الصايغ تنبض بالذكرى.. وبزيع يسائل الشعر
استضاف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أمسية شعرية مساء أمس الأول، في مقره في القصباء في الشارقة، الشاعرين حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والفائز بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية -الدورة الرابعة عشرة (2014-2015)، وشوقي بزيع الفائز بالجائزة في الدورة الخامسة عشرة (2016-2017)، وقد أدار الأمسية وقدم لها عبد الإله عبد القادر المدير التنفيذي لمؤسسة سلطان بن علي العويس، وحضر الأمسية جمهور من الأدباء والشعراء والمثقفين.
استهل عبد الإله تقديمه بالتعريف بالشاعرين الكبيرين حيث قال إن حبيب الصايغ هو أحد رواد الحداثة الشعرية في منطقة الخليج العربي كلها، وأن جهوده في التجديد الشعري طالت أشكال القصيدة الثلاثة المعروفة «العمودي، التفعيلة، شعر النثر»، وأضاف عبد الإله أن الصايغ جعل القصيدة مرايا تنبض بالإنسان وهمومه بشكل عام.
وفي تقديمه لشوقي بزيع قال عبد الإله إنه من الجيل الثاني من الشعراء في عصره، وأنه شكل تجربة جديدة في الشعر تنهل من التراث العربي الأصيل وتنفتح على أنماط التجديد والأشكال الحداثية.
كانت البداية مع الشاعر بزيع الذي قرأ عدة قصائد منها «سراب المثنى» و«الزهايمر»، وفي «سراب المثنى» التي تتخذ نفس عنوان ديوان له، حلق بزيع بالمتلقي عابراً الزمان والمكان وحكايات التاريخ وأسئلتها عن الوطن، واستعرض بقراءة حداثية قصة الملك الضليل امرئ القيس وقال في قصيدته تلك:
لم يكن أغلب الظن إلا وحيدا/ كما ينبغي أن يكون الملك/ لم تكن غير صحراء/ تلك الحياة التي اندلعت/ تحت مرمى النظرة/ وحده كان في ذلك التيه/ منقسماً حول جمر الخطيئة.
وفي قصيدته «الزهايمر» استدعى بزيع قصة مؤلمة حدثت له مع صديق قديم، التقاه بعد فرقة فإذا هو مصاب بمرض الزهايمر الذي يفقد المرء ذاكرته أو بعضها، وجسد بزيع تلك المعاناة قائلا في قصيدته: في شارع الحمراء/ حيث اعتدت أن أتصفح الطرقات بالأقدام/ بين البيت والمقهى/ التقيت به/ وكان زميل دراستي زمن الطفولة/ قبل أن ترمي مصائرنا بنا/ كلا إلى قدر/ وإذ صافحته بحرارة/ لم يكترث/ بل مد لي بتوجس يده/ وحدق بي مليا/ ثم تمتم: من؟/ وفتش عن ذبالة صورتي/ في جيب عتمته فلم يفلح.
حبيب الصايغ استهل قراءاته الأولى بمجموعة قصائد من بينها قصيدة «الشاعر»، وقصيدة «نجمة»، وقصيدة «شراع» وقصيدة«الهواء» وقصيدة «الرقم».
وفي قصيدته «الشاعر» يحكي الصايغ بطريقة سلسة جدا عن معاناة الشاعر حين تينع القصيدة في خاطره، وحين تتهيأ للولادة حتى ولو في ظروف صعبة، وحين تشرق كوردة حمراء تارة، أو كدمعة حارة تارة أخرى، لتجسد الشاعر في كل تجلياته، وقال ضمن قصيدته تلك:
مارد يتقافز بين جبال جليدية وزمان/ كئيب/ مارد والفصول تحيط بأمجاده/ وهو يذهب في نفسه ويغيب/ قال حين أتم قصيدته/ قلتُ شيئا مهما.
إلى أن يقول في مقطع شعري آخر من نفس القصيدة:
من هنا ليس تبدأ هاذي القصيدة/ وهذا كلامي أنا بين قوسين أو تهمتين/ إنها بدأت قبل أن أولدا/ غير أني أمد اليدا/ لأكتبها مرة ثانية/ بين قوسين أو تهمتين/ بين لاءين كلهما ناهية/ وكلهما نائية/ سأقول القصيدة/ رغم صداع خفيف أراه ابتدا/ ورغم زمان ثقيل/ وهواء بخيل.
وفي قراءات شعرية أخرى في الأمسية قدم بزيع قصائد أخرى من بينها «تعديل طفيف»، و«تجليات المرأة» و«إلى أين تأخذني أيها الشعر؟».
في قصيدته «إلى أين تأخذني أيها الشعر» يتحدث بزيع عن تجربته مع الشعر، وكيف أصبح كائنا موازيا يستوطنه، يفترق معه ويلتقي في مواضع وأفكار، يقاسمه تقلبات ذهنيته وأطواره المعرفية، وحالاته المزاجية الشعورية وآلامه وآماله وانكساراته وانتصاراته فقال في القصيدة:
إلى أين تأخذني أيها الشعر،/ يا جنتي وجحيمي/ وتوأم روحي الحزين/ ويا مرضا في الشرايين نازعني/ وأنا بعد طفل/ على غلَني من هشاشة ضوء النهار/ وصيد خيالي الثمين/ وقاسمني رغبة في العثور/ على شبه بين دمعة أمي/ وبين خيوط الشتاء التي انحدرت/ من كوابيس حُمَايَ/ نحو زجاج النوافذ.
وفي رائعة شعرية جمعت عدة أشكال شعرية جاءت قصيدة الصايغ «إلى بدر شاكر السياب في ذكراه الخمسين» لتحيل المتلقين نحو أسئلة اللحظة العربية المعاصرة في السياسة وفي الثقافة والأدب بطريقة حوارية مع الراحل العراقي بدر شاكر السياب، وقال الصايغ فيها:
لست حياً ولو في المجاز فيا بدر لا تمتحني بتجربة الشعر في شاعر مات/ والشعر في الأصل حي/ وينبض كالذكريات/ ولو قلت موجز أنباء نفسي لازددتَ يا بدر موتاً/ ويكفيك موتك/ لا أريد لك الموت أكثر من مرة يا زميل/ ويكفيك موتك/ فلتجب الآن عن بعض أسئلتي في السياق المفخخ كالغدر/ هل شبعتَ من الموت/ أم أن تفعيلة الموت تنتظم الآن ليلك/ منذ الحنين الأول إلى آخر الليل أو مطلع الفجر. وفي ختام الأمسية منح حبيب الصايغ شهادة تقديرية للشاعر شوقي بزيع.
أمسية في البحرين
بالتعاون بين اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات وهيئة الشارقة للكتاب، يشارك حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ضمن فعاليات معرض البحرين الدولي للكتاب في دورته الثامنة عشرة، والذي افتتح يوم الثامن والعشرين من مارس ويستمر حتى يوم السبت المقبل، مساء اليوم بأمسية شعرية وحوار ثقافي مفتوح بحضور نخبة من المثقفين وجمهور معرض البحرين، يركز فيها على مشروع الشارقة الحضاري بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الفخري لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات.
الخليج