رغم التصريحات المتداولة حول اتفاق الإمارات والسودان على استثمارات تقدر بـ6 مليارات دولار لإنشاء ميناء في شرق البلاد ومشروع زراعي ووديعة في البنك المركزي، لا توجد حتى الآن دلائل رسمية تؤكد أو تنفي ذلك.
هذا الغموض الشديد طرح العديد من التساؤلات حول الأهداف والأغراض الإماراتية لتلك الاستثمارات. فما السر وراء الغموض المتعلق بالاستثمارات الإماراتية في السودان؟
بداية يقول المحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، إن الإمارات حاليا هي الشريك التجاري الأول بالنسبة للسودان، وخلال السنوات الماضية كانت غالبية التجارة الخارجية السودانية الصادرة والواردة تمر عبر الموانئ والمطارات الإماراتية، وبشكل خاص في فترة العقوبات الأمريكية التي أوقفت تعامل الخرطوم مع المؤسسات المصرفية الدولية بصورة مباشرة.
طموح إماراتي
وأضاف ميرغني في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الإمارات معروفة بطموحاتها الكبيرة للاستثمار الخارجي ليس في السودان ولا في القارة الأفريقية وحدها، بل إن شركة دبي للموانئ لديها استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
ويبدو أن الاستثمار الآن في المنطقة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر جاذب للاستثمارات ليس فقط للإمارات، وإنما للعديد من الدول التي تفكر في استثمار جاد وإيجاد موطئ قدم لها في هذه المنطقة، والتي تمر بها نسبة كبيرة جدا من التجارة الدولية وقناة السويس التي تخرج منها السفن التجارية إلى قارات العالم، بحسب المحلل.
وأشار ميرغني إلى أن مشروع الموانىء كان مطروحا خلال السنوات العشر الماضية لإنشاء 7 موانئ على ساحل البحر الأحمر، بعضها متخصص في تصدير الحديد وأخرى لتصدير الثروة الحيوانية الحية، كما أن هناك أفكار بإنشاء موانئ لتصدير النفط، علاوة على موانىء للتجارة العامة بمستويات مختلفة.
وأضاف أنه كانت هناك محاولات سودانية مع عدة دول لإنشاء تلك الموانئ في السنوات السابقة أشهرها محاولة النظام السابق (الرئيس عمر البشير) مع قطر، حيث كان هناك مشروع بتكلفة 4 مليار دولار لبناء ميناء في “سواكن” لكنه توقف، ثم كان هناك أيضا محاولات مع تركيا لإنشاء ميناء آخر في سواكن وفشلت أيضا.
وأوضح ميرغني: “يبدو أن الصفقة التي تحدث عنها وزير المالية السوداني الحالي جبريل إبراهيم، لا تزال فكرة أولية ولم تصل إلى المفاوضات والمداولات العملية، بل إن الأمر في اعتقادي لا يتعدى مقترحات قدمت من الجانب السوداني إلى الإماراتي، وأبدى الجانب الإماراتي رغبته في بحث وعرض الموضوع وليس للتنفيذ”.
أهداف إماراتية
في المقابل يقول الخبير الاقتصادي الإماراتي، الدكتور عبد الرحمن الطريفي، إن الإمارات مدت يدها بقوة خاصة لمصر والأردن وكذلك السودان بعمليات استثمارية “تفوق المدى”.
روسيا والإمارات
الاستثمارات الكبرى
أما الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور محمد الناير فيقول: “سواء هناك تأكيد من عدمه فيما يتعلق بالميناء الإماراتي؛ السودان يرحب بكل الاستثمارات من كل دول العالم وتحديدا منطقة الخليج، حيث توجد استثمارات مقدرة في السودان لغالبية الدول الخليجية سواء من الإمارات أو السعودية والكويت وقطر وغيرها”.
وأشار في حديثه لـ”سبوتنيك”، إلى أن عمليات الاستثمار بين السودان ودول الخليج بالشكل المتداول متواجدة بالفعل، لكن الاستثمارات الكبرى مثل إنشاء الموانئ الضخمة لا بد أن تطرح بعطاءات دولية وليس تخصيص أو إسناد لجهة أو دولة بعينها.
وقال: “كانت رؤيتنا في السابق أن الموانئ القديمة يجب ألا يكون هناك إقبال عليها من قبل المستثمرين، لأن غالبية المستثمرين في الفترات الماضية كان يقبل على الموانئ القائمة، حيث يقوم المستثمر بتطويرها وتشغيلها فورا، فكان الرأي أن تتولى الدولة أمر الموانئ القائمة وتعمل على تطويرها وتشغيلها وتستفيد منها ومن مواردها وبأقل التكاليف”.
وأضاف الناير: “أما ما يتعلق بعملية إنشاء الموانئ الجديدة، فالسودان لديه ساحل طوله 750 كم على البحر الأحمر الذي يعد أهم الممرات الملاحية العالمية، وبالتالي لو قام السودان بطرح عطاء لإنشاء ميناء بنظام (بي أو تي) سوف يجد عروض دولية ممتازة قد تحقق المصلحة للاقتصاد السوداني أفضل من العروض الحالية”.
وبالتالي يحقق السودان من ذلك الشفافية وطرح الأمر في عطاء مفتوح وفق شروط أهمها؛ عدم الانتقاص من سيادة الدولة أو المساس بأمنها القومي، وفي الوقت ذاته تحفظ للمستثمر الآلية التي يمكن أن يسترد بها أمواله بأرباحها، بحسب الناير.
حسن النوايا
المصدر : سبوتينك