مقالات وبحوث

هل ستتنافس الدوائر على التخفيض كما تنافست على رفع الرسوم؟!

بقلم: سامي الريامي

بعد تعليمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، التي صدرت للدوائر والمؤسسات الحكومية في دبي، للعمل على خفض كُلفة الأعمال، وتحفيز المستثمرين والشركات والاستثمار، فإن جميع الدوائر مطالبة الآن بأن تُعيد النظر في رسومها، وتبدأ مسيرة خفض كُلفة الأعمال، وأن تتنافس بين بعضها بعضاً، لإعادة دراسة رسومها، وخفضها بالشكل المقبول، كما تنافست بحماسة زائدة، وبشكل محموم في زيادتها بمعدلات غير مقبولة وغير مبررة!

عليها الآن أن تعيد النظر في قراراتها الخاطئة السابقة، بعد أن ثبت للجميع اليوم أن زيادة الرسوم بنسبة وصلت في كثير من الأحيان إلى 100%، كما حصل في رسوم تسجيل الأراضي التي ارتفعت من 2% إلى 4%، وغيرها معاملات كثيرة جداً في مختلف الدوائر لا يمكن حصرها، لم تكن خياراً صحيحاً، ولم تصب في مصلحة اقتصاد الإمارة على المدى المتوسط، فالمبالغ التي جمعتها كل دائرة على حدة، وكانت تعتقد أنها أرباح، اتضح أنها لم تكن كذلك، بل سرعان ما تسببت في خسارة كبيرة، على مستوى الاقتصاد الشامل، بعدما أدت إلى رفع كُلفة الأعمال، وأثرت سلباً في اقتصاد المدينة وجاذبيتها!

والغريب أن هذا الخطأ الكبير ثبت أنه كان نتيجة اجتهاد شخصي، من المسؤولين التنفيذيين بمستوياتهم المختلفة، لدرجة أن فرض رسم جديد، أو زيادة رسم مُعين، وبأي نسبة، كان يمكن أن يقرره رئيس قسم أو مدير إدارة في دائرة ما، دون أن يدرك أبعاد هذا القرار، وأثره السلبي في المتعاملين أو المستثمرين أو اقتصاد البلد، وهذه الاجتهادات كانت شخصية من داخل الدوائر نفسها، ولم تكن توجيهاً عاماً، بدليل تدخل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، وتحرك سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد، عبر المجلس الاستراتيجي لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، عبر محفزات للاستثمار والمستثمرين، وعبر توجيهاتهما الرشيدة بخفض كلفة الأعمال، وإعطاء المزيد من التسهيلات المحفزة للاستثمار، بعد أن زادت شكاوى الناس والمستثمرين، وتضررت فعلياً قطاعات مختلفة من تلك الاجتهادات، التي جانبها الصواب!

مستثمر أجنبي يقول: «الدوائر لم تكن تُبلغنا بقرار زيادة الرسوم قبل فترة زمنية كافية، بل دائماً ما تفاجئنا بمثل هذا الإجراء، وبنسب زيادة لا تقل عن 70%، وتصل أحياناً إلى 100% وأكثر، في حين أن المتعارف عليه أن الزيادات تراوح نسبتها بين 5 و7%، ويتم إبلاغ المستثمرين بها قبل فترة كافية، كي يدرجوها في ميزانياتهم، وهذا ما نراه في كثير من المدن الأخرى، التي نستثمر فيها»!

مستثمر آخر، وهو مواطن هذه المرة، يقول: «إن كُلفة رسوم وموافقات وتراخيص واعتمادات وتسجيل مشروع بناء بناية سكنية واحدة، وصلت إلى 25% من قيمة البناء، ما جعله يعيد النظر في البدء بتنفيذ المشروع، خصوصاً أن عملية البناء قائمة على قرض بنكي بنسبة فائدة، ما يعني ضياع الجدوى من المشروع»! ويؤيده الرأي مواطن آخر، فيقول: «نحتاج إلى دراسات سريعة عن محفزات للبناء، لأولئك الأفراد الذين يملكون أراضي، حيث إن كلفة الاستثمار في هذا المجال، والبدء في بناء عقار، أصبحا غير مجديين ولا مُغريين، نظراً لارتفاع الرسوم المباشرة على المالك، وغير المباشرة على المقاول، وتالياً فإن المردود على العقار لن يكون مجدياً!

الأمر الآن بيد الدوائر المحلية، فكما اجتهدت في تحصيل الرسوم ومضاعفتها، عليها الآن أن تجتهد في التسهيل والتخفيض والتحفيز، ولتتنافس مجدداً في جذب رؤوس الأموال والمستثمرين، وتشجيع القطاع الخاص والمواطنين على الدخول فيه، بعد أن تنافست وبشكل لافت في عزوف الكثيرين عن الاستثمار والخروج من السوق! وحتى يكون هذا التوجه مجدياً حقاً، على الدوائر أن تعلن للجمهور عن خطوات ومبادرات ببرامج زمنية واضحة، لتكون ملزمة لها في المستقبل.

إغلاق