أخبار

الإمارات تختتم فترة عضويتها بمجلس الأمن.. رحلة «صوت مبدئي وعملي»

اختتمت دولة الإمارات اليوم الإثنين فترة عضويتها في مجلس الأمن للعامين 2022-2023، محققة إنجازات تاريخية لدبلوماسية تعلي شعار الصوت المبدئي العملي.

وقالت بعثة الإمارات على حسابها الرسمي على منصة إكس (تويتر سابقا): “لقد سعينا من خلال الدبلوماسية الإماراتية، بقيادة (..) الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان (وزير الخارجية الإماراتي) إلى أن نكون صوتاً مبدئياً وعملياً على الساحة الدولية المضطربة”.

وأضافت “عززنا (الدبلوماسية الإماراتية) قيم التسامح والتعايش، وناصرنا القضية الفلسطينية والقضايا العربية، ودعمنا أجندة المرأة والسلام والأمن في أفغانستان وهايتي، وعززنا مشاركة المجلس في قضايا المناخ والسلام والأمن”.

وأشارت إلى أنه “في هذه الأوقات العصيبة حافظنا على إيماننا بالدبلوماسية والتوافق وبناء الجسور، مؤكدة أن عمل البعثة في المجلس “شرف لنا ومسؤولية عظيمة”.

وعلى مدار عامين سخرت دولة الإمارات عضويتها في مجلس الأمن لتعزيز الأمن والسلم الدوليين ودعم القضايا الإنسانية والعربية، وتركت بصمات في المجلس تهديه في طريق استكمال مسيرته لتجاوز أزمات وتحديات لا تزال قائمة.

لكن البعثة الإماراتية تركت بصمة عربية بارزة في إحدى أهم مؤسسات العمل الجماعي الدولي خلال مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها البشرية عبر تاريخها.

وتوجت دولة الإمارات حراكها المتواصل لدعم غزة بتحقيق اختراق تاريخي لمعالجة الأزمة في آخر أيام عضويتها، باعتماد مجلس الأمن الدولي قرارا إماراتيا يوم الجمعة الماضي يدعو إلى “اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون بشدة في قطاع غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض”.

جهود بارزة وإنجازات مهمة تحققت بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وقيادة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وتنفيذ السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة وأعضاء الفريق الدبلوماسي المتميز بوفد الإمارات في الأمم المتحدة.

وغياب دولة الإمارات عن مجلس الأمن الدولي لن يمنعها من مواصلة دورها كعضو بارز في المجتمع الدولي له ثقله ومكانته البارزة، مع سياستها الخارجية القائمة على دعم التعاون والسلام والحوار، وتعزيز التضامن والعمل الجماعي الدولي في مواجهة التحديات العالمية المشتركة، ومد يد العون والمساندة للدول والمجتمعات الفقيرة، وبناء الشراكات التنموية الإيجابية مع مختلف الدول والتجمعات الإقليمية والعالمية.

وترصد “العين الإخبارية” أبرز إنجازات دولة الإمارات خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي:

رئاسة المجلس

اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برئاسة الإمارات 11 قرارا وأصدر 11 بيانا، وورقتي معلومات للصحافة، وعقد 6 اجتماعات، وتفصيلها كالتالي:

– اعتمد مجلس الأمن في شهر مارس/آذار 2022 أربعة قرارات وأصدر ستة بيانات، منها بيانان رئاسيان وأربعة بيانات صحفية.

– بصفتها الرئاسية لمجلس الأمن عقدت دولة الإمارات 3 اجتماعات رئيسية في شهر مارس/آذار 2022، تناولت الإدماج الاقتصادي للمرأة، والتمويل المناخي لصون السلم والأمن الدوليين، والتعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

– اعتمد مجلس الأمن خلال رئاسة الإمارات الثانية له يونيو/حزيران الماضي 14 وثيقة ختامية متفقاً عليها، اشتملت على سبعة قرارات، وخمسة بيانات صحفية، وورقتي معلومات للصحافة.

– بصفتها الرئاسية عقدت دولة الإمارات 3 اجتماعات رئيسية خلال يونيو/حزيران 2023 حول أولويات رئاستها، والتي وجّهت انتباه أعضاء المجلس لمسائل مهمة تتعلق بصون السلم والأمن الدوليين، تناولت “قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام واستدامته”، و”التغير المناخي والسلام والأمن”، و”التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية”.

إنجازات تاريخية

اختتمت دولة الإمارات رئاستها الثانية لمجلس الأمن الدولي باعتماد 7 قرارات، أبرزها القرار التاريخي حول “التسامح والسلام والأمن”، كما شاركت في صياغة القرار الذي اعتمده المجلس في 14 يونيو/حزيران الماضي، بالإجماع كل من دولة الإمارات والمملكة المتحدة، وأقر القرار للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف قد يؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها وتكرارها.

ودعا القرار إلى “الإدانة العلنية للعنف وخطاب الكراهية والتطرف”، وشجع جميع الشركاء المعنيين، بما يشمل القادة الدينيين والمجتمعيين ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، على التصدي لخطاب الكراهية والتطرف الذي يؤدي إلى النزاع المسلح أو إلى تفاقمه.

ونشرت دولة الإمارات على الموقع الإلكتروني لبعثة الدولة لدى الأمم المتحدة جدول أعمال مجلس الأمن باللغتين الإنجليزية والعربية، لتكون بذلك المرة الأولى التي يتم فيها إعداد الجدول باللغة العربية، في تاريخ الأمم المتحدة البالغ 76 عاماً.

ووفرت دولة الإمارات خلال رئاستها مجلس الأمن خدمة الترجمة بلغة الإشارة الدولية، والترجمة التوضيحية في عدد من اجتماعات المجلس، في إطار تعهداتها بدعم إمكانية الوصول للمعلومات، إذ تعد تلك المرة الأولى التي تتوفر فيها الترجمة بلغة الإشارة للجميع طوال مدة الاجتماعات، وليس فقط خلال اجتماع بعينه.

مناصرة القضايا العادلة

وحشدت دولة الإمارات من خلال رئاستها المجلس أو عضويتها به الجهود الدولية للتصدي للمخاطر والآثار السلبية الناجمة عن تغير المناخ، التي تؤثر على مهمته المتمثلة في صون السلم والأمن الدوليين.

كما دعمت دولة الإمارات القضايا العربية داخل مجلس الأمن الدولي من خلال رسائل ومواقف واضحة تضمنتها البيانات التي ألقتها بالمجلس، سواء كرئيس للمجلس أو عضو به على مدار عامين.

على الصعيد العربي، توجت دولة الإمارات حراكها المتواصل لدعم غزة في آخر أيام عضويتها باعتماد مجلس الأمن الدولي قرارا إماراتيا حمل رقم 2720 يوم الجمعة الماضي، يدعو إلى “اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون بشدة في قطاع غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض”.

‎خطوات عاجلة

كما يدعو القرار إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية فوراً وبأمان ودون عوائق وعلى نطاق واسع، ووقف الأعمال العدائية في قطاع غزة بشكل مستدام.

‎وقالت السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة: “سيساعد هذا القرار على تقديم المساعدات بالكم المطلوب” واصفةً القرار بأنه “يُعتبر خطوة مهمة على هذا المسار الطويل، وأنه يتعين على مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤوليته عبر ضمان التنفيذ الكامل لهذا القرار”.

يأتي اعتماد قرار دولة الإمارات بعد نحو أسبوعين من فيتو أمريكي أحبط محاولة إماراتية مماثلة، الأمر الذي يبرز الإصرار الإماراتي لدعم القضية الفلسطينية والمثابرة على تحقيق الأهداف.

واستخدمت الولايات المتحدة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري حق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار قدمته دولة الإمارات، يدعو إلى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار في غزة”، فيما تواصل إسرائيل حملة بلا هوادة على قطاع غزة، رغم ضغوط غير مسبوقة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وما بين مشروعي القرارين اتخذت دولة الإمارات خطوة رائدة وغير مسبوقة لدفع جهودها قدما، باتجاه إقناع المجتمع الدولي باتخاذ خطوات فعلية لوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين، فنظمت بالتعاون مع مصر زيارة لمندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة يوم 11 من الشهر الماضي، لإطلاعهم مباشرة على الحاجة الماسة لوقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية.

غزة وفلسطين

ومنذ تجدد التصعيد بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقد مجلس الأمن 13 جلسة حول القضية الفلسطينية والوضع في غزة، لم يمر أي منها دون أن تسجل دولة الإمارات رسائل قوية داعمة لغزة، إضافة إلى سعيها لتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف والعمل على دعم جهود السلام وتخفيف حدة التصعيد.

ومن بين تلك الجلسات الـ13 في مجلس الأمن عقد 8 منها بطلب من دولة الإمارات، قدمت خلال ثلاثة منها (8 و19 و22 ديسمبر) مشروعي قرارين لوقف الحرب في غزة.

وحرصت عبر جلسات أخرى على إتاحة المجال لأعضاء المجلس، والاستماع إلى إحاطات من مسؤولين أمميين وآخرين في المجال الإنساني، وكشف حقائق الوضع الإنساني المأساوي في غزة.

اختراق تاريخي لدعم القضية الفلسطينية حققته دولة الإمارات باعتماد مجلس الأمن القرار رقم 2720، إلا أنه ليس الإنجاز الإماراتي الأول من نوعه داخل المجلس، فسبق أن اعتمد مجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط الماضي بياناً رئاسياً يعارض التدابير أحادية الجانب والتي من شأنها عرقلة آفاق حل الدولتين في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وكانت دولة الإمارات، بصفتها عضواً منتخباً في مجلس الأمن، قد يسّرت هذا القرار الهام، الذي يعد أول قرار يصدر عن المجلس بشأن ملف الاستيطان منذ أكثر من ست سنوات.

وكرّر مجلس الأمن في بيانه أن استمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية يهدد بشكل خطير إمكانية تحقيق حل الدولتين على أساس حدود 1967، كما أكد أيضاً أهمية خفض التصعيد وتجنب الأعمال الاستفزازية.

وفي آخر اجتماع حول الملف السياسي والإنساني السوري خلال عضويتها في مجلس الأمن 21 من الشهر الجاري، وضعت دولة الإمارات خلال كلمة ألقاها، السفير محمد أبوشهاب نائب مندوبة دولة الإمارات بالأمم المتحدة، رؤية شاملة لحل الأزمة حددت فيها بشكل صريح الخلل الذي يعاني منه المجلس في معالجته تلك الأزمة.

ووضعت دولة الإمارات في خطابها رؤيتها لمعالجة هذا الخلل، حيث عبرت عن رغبتها في تكثيف العمل في مجلس الأمن على المسار السياسي، ودعم جهود المبعوث الخاص لسوريا للتوصل إلى حلٍ سلمي، وكذلك تأكيد السعي من أجل التوصل لحلٍ سلمي هو السبيل لمعالجة الأزمة الإنسانية بشكلٍ مستدام، ودعت مجلس الأمن إلى الاهتمام بالأزمة السورية بنفس القدر الذي يوليهِ لغيرها من الأزمات المدرجة على جدول أعماله.

ويأتي ذلك ضمن جهود إماراتية متواصلة لدعم سوريا على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية، تكللت على الصعيد السياسي بإعادة سوريا إلى حاضنتها العربية واستعادة مقعدها في الجامعة العربية خلال آخر قمة عربية في مايو/أيار الماضي.

أما علي صعيد الأزمة السودانية المندلعة منذ أبريل/نيسان الماضي، دعت دولة الإمارات مرارا وتكرارا عبر بياناتها في المجلس جميع الأطراف إلى الالتزام بوقفٍ فوري، ودائم، ومستدام لإطلاق النار.

وأكدت أن تقديم المساعدات الإنسانية إلى السودان يأتي في صدارة أولوياتها، حيث أرسلت دولة الإمارات مساعداتٍ إغاثية تزيد قيمتها على مئة مليون دولار أمريكي، شملت أكثر من 8810 أطنان من المساعدات الغذائية والطبية ومواد الإغاثة الأخرى.

كذلك حققت دولة الإمارات الكثير من خلال دورها في بناء جسور التعاون لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي، وترسيخ الصلة بين المناخ والنزاع، وتعزيز التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وسجلت دولة الإمارات -كذلك- مواقف عدة تدعم الحل السلمي للأزمة الأوكرانية، تم تسجيلها في بيانات ألقتها على مدار عامي عضويتها، أكدت فيها أن وقف التصعيد والدبلوماسية والحوار هي السبل الوحيدة لحل الأزمة.

وشددت دولة الإمارات على وجوب الاستمرار في اتخاذ خطوات جادة للتوصل إلى حل سياسي، واتخاذ خطوات متسقة من قبل الأطراف كافة، تحفها المسؤولية والشفافية، للتخفيف من المخاطر المرتبطة بنقل الأسلحة، ووقف الأعمال العدائية في أوكرانيا والسعي الدؤوب من أجل تحقيق سلام عادل ومستدام.

جهود مستدامة

وتوجت جهود دولة الإمارات لدعم الأمن والسلم الدوليين باعتماد مجلس الأمن بالإجماع في مارس/آذار الماضي خلال اجتماع بشأن أفغانستان، قرارين تقدمت بهما دولة الإمارات بالتعاون مع اليابان

يقضي القرار الأول بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان لمدة 12 شهراً، بما يمكّن البعثة من مواصلة عملها حول تعزيز حقوق الإنسان، والتواصل مع جميع الجهات الأفغانية المعنية، وتنسيق المساعدات الإغاثية. أما القرار الثاني فهو الطلب بإجراء تقييم مستقل حول النهج الدولي المتبع تجاه أفغانستان.

أيضا اعتمد مجلس الأمن بالإجماع في أبريل/نيسان الماضي قراراً صاغته كل من دولة الإمارات واليابان بصفتهما حاملتي القلم المشارك لملف أفغانستان، يدين قرارات طالبان لحظرها عمل النساء الأفغانيات لدى الأمم المتحدة في أفغانستان.

ويدعو القرار إلى المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة والآمنة للنساء والفتيات في أفغانستان، ويؤكد الضرورة الملحة لمواصلة معالجة الوضع الاقتصادي والإنساني المتدهور في البلاد.

إنجازات كانت محل إشادة من مختلف دول العالم على مدار عامين، وتختتم الإمارات عضويتها في مجلس الأمن الدولي بنهاية عام 2023، فيما تواصل دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

إغلاق